الاثنين، 5 أكتوبر 2009

*** فن الصفح الجميل

*كنت أنوي الحديث عن جمعيه مقاومة الطلاق اهدافها ووسائلها ولكن استوقفني مقال جميل في موقع اخوان اون لاين في ركن واحة الاسرة للكاتب جمال ماضي فأردت أن أنقله لكم دون تدخل مني بحذف أو اضافه.
***********

خلاصة التعامل مع الخطأ، في أن يتجاهله الزوجان، وكأنه لم يقع؛ حتى لا يقع على الحقيقة، فهو سحابة عابرة وتمضي، لا استقرار لها ولا تكرار متعمد في حضورها.

ومن فنون تجاهل الخطأ:

فن الصفح الجميل

يقول تعالى: ﴿وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ 85) الحجر)، فالحياة الزوجية الجميلة هي التي تتحصن بالصفح الجميل، في مسامحة كل من الزوجين لبعضهما، خاصة إذا أخطأ أحدهما على الآخر، فيحظى بتحقيق قوله تعالى: ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا﴾) النور: من الآية 22)، ويضمن الزوجان الجنة، يقول صلى الله عليه وسلم: "حُرم على النار كل هين، لين، سهل، قريب من الناس" (رواه أحمد)، وإن أقرب وأعز وأحب الناس للزوج زوجته، وللزوجة زوجها.

وما أجمل أن تتشابك يد الزوج مع زوجته، يوم القيامة، وهما يسمعان نداء النبي صلى الله عليه وسلم لهما: "ينادي المنادي يوم القيامة؛ ليقم مَن أجره على الله، فلا يقوم إلا من عفا"، مصداقًا لقوله تعالى: ﴿فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾ الشورى:( من الآية .40

وإنها في حياتنا الزوجية لمتعة ولذة، تنعش مشاعر الزوجين، بدلاً من التشقي والانتقام، وإضمار السوء، وإخفاء البغض:

من ذا الذي ما ساء قط ومن له الحسنى فقط

فلماذا نصنع التوتر فى حياتنا؟

ولماذا نحكم على حياتنا بالقلق؟

ولماذا لا نحقق في حياتنا (الزوج الصفوح) و (الزوجة الصفوح)؟

يقول الإمام الشوكاني في تفسير قوله تعالى: ﴿فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾، "تجاوز عنهم، واعف عفوًا حسنًا، وعاملهم معاملة الصفوح الجميل"، فما أحوجنا كأزواج في بيوتنا إلى: (معاملة الصفوح الجميل.(

- خطوات الصفح الجميل:

وعند الخلاف الزوجي هناك خطوات عملية للصفح الجميل عند الخطأ:

الخطوة الأولى:

الاعتقاد بالخطأ، قولاً أو فعلاً أو سلوكًا، وأنه ليس صراع بين الزوجين، أو تناقض أو تضاد.

الخطوة الثانية:

المحافظة على التقدير والاحترام؛ مما يمهد الطريق في النفس نحو التسامح، عن طريق التعامل بأدب ورقي، والابتعاد عن اللوم والألفاظ الجارحة التي تخدش المشاعر، وحمل نية مواصلة الحب، بالابتعاد عن كل ما يثير الاستفزاز أو الاستياء.

الخطوة الثالثة:

الابتعاد عن النرجسية و الأنانية، (وأن الخطأ غير وارد عليّ)، فهذا هو الذي يدمر الصفح الجميل، ولكن دون هجر أو تجهم أو دعاء عليه أو تهكم منه، بل كما فعل الأب الحنون، مع أبنائه عند خطئهم: ﴿قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ (97) قَالَ (سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيم ) (98 يوسف)

شبهة ورد:

والصفح الجميل ليس له علاقة بما يقوله بعض الأزواج: (إنه ضعف)، و(ربما يتكرر الخطأ إن لم نقلعه)، و(أن التسامح تنازل عن الحق)، بل إن العفو هو الشجاعة بعينها، ويزيد الحب بين الزوجين؛ لأنه يسهِّل التعبير عن المشاعر بلا خجل، وهو فرصة لتقارب القلوب والأجساد، بل إنه بين الأزواج وقاية لهما من سوء الأقدار، كما في الأثر: (تجاوزوا عن عثرات الخاطئين، يقيكم الله بذلك سوء الأقدار)

فالصفح الجميل أن نركِّز على الخطأ، وليس المخطئ، بلا لوم أو زجر أو عتاب أو جرح للمشاعر، يقول الإمام ابن تيمية: (الصفح الجميل صفح بلا عتاب)، فهل نحن مستعدون للصفح الجميل بلا عتاب؟.

2- فن نسيان الأخطاء

فن الاعتذار:

- هل يشعر الزوج بالمهانة عندما يطلب من زوجته أن تسامحه على خطأ ارتكبه في حقها؟

- ولماذا لا ينطق بها لسان الأزواج، إلا أثناء العلاقات الحميمة (سامحيني- أنا مخطئ-آسف)؟

- وهل لاعتذار الزوج كرجل، أشكال وبدائل غير ما تتوقعها الزوجة من التصريح بالقول؟

- وهل الهدايا والابتسامات واستئناف الحديث والمساعدة في أعمال البيت من جهة الرجل تفي الغرض؟

نعم... كل ما سبق هو الحقيقة، وقد سبق أن تحدثنا في كتابنا: (الزوج رجل.. والزوجة امرأة)، عن الاعتذار وأسلوبه، لدى كل من الزوج والزوجة.

ولذلك فالنصيحة من أجل نسيان الأخطاء؛ هو تقبل اعتذار الرجل بطريقته؛ لكي تسير سفينة حياتنا الزوجية، وإن كانت الزوجة كامرأة تعتذر وتتأسف وذلك على طريقتها، فلا تطلب من الرجل أن يعتذر لها عن خطئه بطريقتها هي؛ ولكن تقبله كما هو بطريقته هو.

لقد تفهمت إحدى الزوجات هذه الفروق، فقالت: "مع مرور الوقت أصبحت أفهم المغزى من هذه الإشارات الرمزية، وأتجاوب معها كدلالة على أنني قبلت اعتذاره، ففي النهاية لا بد أن تستمر الحياة".

وزوجة أخرى تقول: "في النهاية يكفيني أن زوجي لا يقصد إيذائي، أو جرح مشاعري، وبين الحين والحين أردِّد وصية أمي: حينما أوصتني بأن أعرف متى أحني رأسي للعاصفة حتى تمر".

وتقول أخرى: "في اعتقادي أن كل أخطاء الأزواج يمكن الصفح عنها والتغاضي عنها، ما عدا فعل الخيانة، فلا أعتقد بمقدور أية زوجة نسيان أنها كانت ضحيةً للخيانة من قبل زوجها".

ولكي نطمئن الأزواج حتى ننسى أخطاءنا؛ أبشركم بأن الزوجات قد أجمعن بأن الرجل عندما يعتذر فإنه لا يسقط من عين زوجته, أو يهون أمره عندها، بل ترتفع قيمته في نظرها، ويعلمها درسًا في الأمانة والشهامة واحترام الذات.

إن جملة (سامحني- أنا آسف) بأي طريقة كانت، غالبًا ما تصفي الأجواء، وتفتح الأبواب أمام التعاطف والتواصل، وتمنح فرصةً للبدء من جديد, كما أنها تجلب الثقة والأمان والتواضع، وهذه من أجمل الصفات التي يمكن أن يتشاركها الزوجان.

ومن فنون نسيان الأخطاء:

1-لا تسمحا لأحد بالتدخل في معرفة الأخطاء, ولا يكن أحدكما سببًا في تكبير الخطأ.

2 -احذرا من التحدث عن الأخطاء أمام الأولاد, وما يصاحب ذلك من انفعالات, حتى ولو كانت بسيطة.

-3 تذكرا عند الخطأ حسنات الآخر فهي الطريق لطرد الخطأ ونسيانه.

-4 يسأل كلٌّ من الزوج والزوجة أنفسهما هذه الأسئلة، للمساعدة في نسيان الخطأ:

- ما يعجبني في الطرف الآخر؟

- ما الأيام السعيدة التي مرت بنا؟

- ما الأعمال المشتركة التي تمتعنا بها؟

- ما الذي يسعد الآخر ويبهجه؟

ما الحلم المشترك الذي يجمعنا؟

5 -احذرا ذكر الماضي المؤلم, خاصةً بعد الاعتذار؛ فإنه مثل فتح الجروح الملتئمة.

6 -اذكرا أن لكل واحد منكما أخطاءً, ولو اهتمُّ كل واحد بإصلاحه أولاً لسارت الأمور على ما يرام.

7 -لا تفكرا في المتاعب والهموم التي أحاطت بكما عند الخطأ، ولا تفكرا إلا في صفاء القلب ونقائه.

8 -لا تقفا عند التوافه أو الأمور غير النافعة، فذلك يطرد التوقف عند الخطأ، أو مدعاة لتكبيره، وهذه تمثل عملية غربلة؛ حيث لا يبقى في الذهن إلا النافع والمفيد.

هل نسيان الأخطاء عملة نادرة؟

لقد سئل مجموعة من الأزواج والزوجات حول الأخطاء التي تدمِّر الحياة الزوجية، فكان منها: عدم الاعتراف بالخطأ والاعتذار، وعدم نسيان الأخطاء السابقة، ونسيان المناسبات الخاصة، حتى إن بعضهم وهو يجيب قال متهكمًا: كيف تدمر حياتك الزوجية؟!.

ومع إدراكنا الكامل لهذا الأمر، لماذا لا نتجاوز وننسى أخطاء الآخرين، بينما نطالبهم بنسيان أخطائنا؟!

وللإجابة عن هذا السؤال، خاصةً بين الزوجين, أن أحدهما لن يستطيع تغيير الطرف الآخر ليصبح خاليًا تمامًا، وهذا مستحيل في البشر، الذين يخطئون ويصيبون، وليس معنى ذلك الاعتزال والوحدة، فهذا وإن كان ينفع مع بعض الناس، لقول الشافعي:

الناس داءٌ ودواءٌ.. الناس قربهم وفي اعتزالهم قطع المودات

فإنه لا ينفع بين الزوجين؛ لأن حياتهما هي القرب، والقرب عندهما دواءُ وليس مرضًا، والمودة لا تنقطع لأنها من الله، تقوى بهما وبقربهما، وتقل ببعدهما، ولذا فنسيان الأخطاء بينهما ليس مستحيلاً، بل هو نعمة من الله، عليهما أن يحافظا عليها، بالشكر والاستمرار على العمل بها.